بعض تجار التنمية البشرية يبيعون الوهم.. والضحية الشباب

مع بداية كل عام يتنافس «مدعو» التدريب في التنمية البشرية على تحفيز أفراد المجتمع لإعداد خطة العام الجديد، وتبَني أهداف جديدة، والدعوة إلى الانتصار على التسويف ونبذ الكسل كل بطريقته التي باتت تشكل ضغطا على الشباب وخاصة تلك الفئة العالقة غير القادرة على فهم ما يتفوه به هؤلاء المدربون، لعدم تمكنهم –أي الشباب- من الأدوات والمهارات المستخدمة للوصول لهذه الأهداف، فنجد البعض واقعا في دائرة مغلقة ما بين إمكانياته، ورغبته الحقيقية في الوصول لهدف ما.

إذ منحت وسائل التواصل الاجتماعي وبكل أسف غير المتخصصين شهادة خبرة بقياس عدد المتابعين، دون إلزامهم بنشر شهاداتهم أو خبراتهم المطلوبة في هذا المجال أو ذاك، كما هو الأمر على أرض الواقع، إذ لا يوجد متخصص في علم ما يستطيع أن يؤسس لنفسه نافذة على المجتمع كعيادة أو مكتب إرشاد نفسي أو أسري أو تنمية بشرية وهو الأهم هنا، إلا وهو ملزم بإظهار شهاداته العلمية، وترخيص ممارسة المهنة على الملأ، الأمر غير المعمول به في فضاءات وسائل التواصل الاجتماعي الفسيحة، فيبقى دافع هؤلاء وخاصة المدعين منهم هو الشهرة والانتشار الواسع لتحقيق أهدافهم وطموحاتهم هُم على أكتاف المتابعين، وهم بذلك يبيعون الوهم تحت غطاء التحفيز والتنمية البشرية، مستغلين حاجة البعض للمساعدة في أن يكتسب مهارات حقيقية لتحقيق أهدافه.

لذا ونحن على أعتاب عام جديد، رغبت «الشرق» بطرح هذه القضية على عدد من المختصين، للوقوف على رأيهم العلمي في هذه القضية، والذين أجمعوا على أنَّ هذه الفئة من غير المتخصصين تبيع الوهم للشباب المتعطش في الحصول على النصيحة والمساعدة لتحقيق طموحاتهم، مشيرين إلى أنَّ غالبية هؤلاء الأشخاص غير متخصصين في علم بيعنه، فهم لا ينتسبون لأي علم إنساني، بل تطفلوا على عدة تخصصات، واتخذوا من فضاء العالم الافتراضي فرصة للظهور والانتشار لزيادة مكاسب ومنافع لهم. وحذر المختصون الذين استطلعت «» آراءهم من تلقي المعلومات من هؤلاء المدعين، مطالبين بضرورة طلب الاستشارة من رجال الاختصاص والعلم.

د. طارق العيسوي

د. طارق العيسوي: إلزامهم بترخيص مثل بقية المهن الصحية

قال الدكتور طارق العيسوي-استشاري نفسي-، «إنَّ انعدام الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي، أتاح المجال لغير المتخصصين أن يخوضوا في مجالات ليست بمجالاتهم، كما بات الكثير من الأشخاص يقدمون أنفسهم بأنهم مدربو تنمية بشرية، هدفهم الأوحد هو زيادة المتابعين والمشاهدات لتحقيق طموحاتهم التي لم يستطيعوا تحقيقها خطوة خطوة على أرض الواقع، فاختاروا الطريق السريع ليكسبوا شهرة تجعل لهم مكانة في المجتمع، دون أن يدركوا أن ما يقومون به له تأثير سلبي على من وثقوا بهم سيما وأنهم لا يمتلكون الخبرات الحقيقية للعطاء في هذا المجال، بل خبراتهم لا تتعدى دورة تدريبية واحدة».

وشدد الدكتور طارق العيسوي على ضرورة إخضاع هؤلاء للرقابة من قبل الجهات المختصة، وإجبار كل من يخترق هذا المجال أو أي مجال له علاقة مباشرة مع الأفراد للحصول على ترخيص لممارسة المهنة كما الأطباء والعاملين في القطاع الصحي لتقنين العاملين في هذا المجال.

اظهر المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى