ما عليها خوف
بقلم: سارة عبدالله
نعم، قطر ما عليها خوف، وصف نقوله دومُا بالعامية لمن عمل صالحًا في حياته ‘فلان ماعليه خوف’، مصداقًا لقول الله تعالى (فمن ءَامن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون)، أستشعرت هذه الآية الكريمة ما أن خطت قدماي عتبة المركز التعليمي والتأهيلي للبنات التابع ” للجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة “، والتقيت السيدة / نعمات المطري، التي أثّرت بطاقتها الإيجابية وبشاشتها، على نفسي، أجواء صباحية جميلة يعيشها أطفال المركز في طابور الصباح، يقرأون القرآن وينشدون النشيد الوطني، لتسمع بعد ذلك ضحكاتهم في تمارين الصباح، وتذهب بعد ذلك كُل مجموعة للصفوف الدراسية المخصصة لهم، بين علاج طبيعي، ودروس تأهيلية وأكاديمية، كنت أتنّقل بين هذه الصفوف مع السيدة / نعمات، مديرة المركز والفرحة تملأني، جهود جبارة تُبذل بكُل حب لأبنائنا ذوي الاحتياجات الخاصة من دون تمييز ومن دون أن يتكفل ولي الأمر بشيء، حتى وجبة الإفطار، تُقدّم بجميع عناصرها الغذائية بشكل مجاني، بالإضافة إلى العناية الصحية المقدمة لأبناء المركز، فهناك غرفة التمريض التي تتابع الحالة الصحية لكُل طالب بزيارة أسبوعية لطبيب من الصحة المدرسية ليُشخّص الحالة المرضية ويقدم الوصفة العلاجية وفق النظام الصحي للدولة، فبذلك أصبح من اليسير على ذوي الاحتياجات الخاصة أن يتلقوا العلاج بشكل ميسر في مركزهم، دون عناء لهم ولأسرهم، شيء لم أره في أحسن مراكز رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة الغير مجانية.
كما كانت هناك أنشطة ومهارات أذهلتني لفتيات المركز، شعرت فيها بفخر السيدة نعمات ومشرفات المركز وأعتزازهن بفتيات المركز، أعمال يدوية وحرفية بين تطريز ورسم وتشكيل وإعادة تدوير، وصناعة محلية قطرية 100٪.
وختامًا في نهاية الجولة، أطّلعت على التقويم السنوي لأنشطة العام الدراسي المزدحم بالفعاليات التعليمية والترفيهية التي يتكفل فيها المركز ماديًا بشكل كامل. أجواء أسرية يملؤها الحب، يشعر فيها الزائر بالحميمية والدفء، كُل شيء في هذا المركز هو تغذية روحية وبصرية، لأغادرهم وأنا على يقين بإذن الله تعالى أن هناك لقاء قريب سيجمعُني معهم.
المقر الرئيس:
غادرت المركز متوجهةً للجمعية القطرية لتأهيل ذوي الاحتياجات الخاصة، عالمُ آخر يعمل بصورة متواصلة، بهمة وطاقة عالية، وكان لقائي بالسيد/ أمير الملا، المدير التنفيذي للجمعية، كان لقاؤه شرف لي، يتوجب عليّ فيه أن أشكر كرم أخلاقه وجهوده البيّنة، فلقد كان نعم الأخ لكُل من في الجمعية، أسرة واحدة تعمل لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة.
وهناك الدكتور/ طارق العيسوي، القامة العلمية في التربية الخاصة، والأستاذ الفاضل/ ناجي زكارنة، المستشار الإعاقة السمعية، ومذيع لغة الإشارة في قناة الجزيرة الذي أسعدني كثيرًا اللقاء بهم والاستفادة من علمهم.
تقدم الجمعية خدمات كثيرة تفوق الوصف، خدمات متنوعة عينية ومادية تقدم لذوي الاحتياجات الخاصة وأسرهم بشفافية وبشكل عادل ومنصف، مائة وسبعون موظفًا، يعملون بقلب واحد بدعم من الأيادي البيضاء، أيادي الخير والعطاء، تأثرت لسماع ما أخبرني به السيد/ أمير الملا، عندما سألته إن كان هناك تكريم سنوي لأصحاب الخير؟
ليُجيب أنهم لا يُريدون تكريمًا، إلا من صاحب الكرم، إنهم إناس في تعاملاتهم لا يرجون إلا رحمة الرحمن، تُذكر أسماؤهم في السماء لا على الأرض، كما أخبرني بشكل عفوي أن هذه الأعمال هي التي حفظت قطر وأهلها، لأختم بحديثه مقالي بما بدأته، قطر ما عليها خوف.